التجمعات العائلية تكثر في شهر رمضان على مائدة الإفطار. ورغم أن البعض ينتظرها بفارغ الصبر وسط زحام الحياة، فإن هناك فئة غير مرئية تُخفي معاناتها في صمت بالشهر الكريم، وهم الذين يعانون من اضطرابات الأكل الذي يمثل تحدياً نفسياً وجسدياً لهم.
اضطرابات الأكل هي حالات سلوكية تتميز باضطراب شديد ومستمر في سلوكيات الأكل، وما يرتبط بها من أفكار ومشاعر مزعجة، ويمكن أن تكون حالات خطيرة للغاية تؤثر في الوظيفة الجسدية والنفسية والاجتماعية، ومنها:
سلوك النظام الغذائي في مرض فقدان الشهية العصبي يكون مدفوعاً بالخوف الشديد من زيادة الوزن أو السمنة، وينقسم إلى نوعين: الأول يعاني من فقدان الشهية ويقول إنه يريد ويحاول اكتساب الوزن، لكن سلوكه لا يتوافق مع هذه النية؛ فقد يتناول كميات صغيرة فقط من الأطعمة المنخفضة السعرات الحرارية، ويمارس التمارين الرياضية بشكلٍ مفرط، والنوع الآخر يسرف في تناول الطعام، أو يتخلص من الطعام بالقيء، أو سوء استخدام الملينات.
بمرور الوقت، قد تتطور بعض الأعراض المرتبطة بسلوكيات التجويع إلى توقف الحيض لدى النساء، والشعور بالدوار أو الإغماء بسبب الجفاف، وحدوث هشاشة للأظافر والشعر وعدم تحمل البرد وضعف العضلات، وحُرقة المعدة والارتجاع، خاصةً عند الذين يتقيؤون، بجانب الإمساك والانتفاخ.
ويعاني بعض الأشخاص من الإجهاد الناجم عن ممارسة التمارين الرياضية بشدة لدرجة الإصابة بهشاشة العظام، إضافةً إلى الاكتئاب والتهيج والقلق وضعف التركيز والتعب، كما تتضمن المضاعفات اضطرابات ضربات القلب، خاصةً للمرضى الذين يتقيؤون أو يستخدمون ملينات ولديهم مشكلات في الكُلى، حسب موقع "Psychiatry.org".
يقوم المصابون بالشره العصبي بعدة سلوكيات؛ من بينها اتباع نظام غذائي أو تناول أطعمة منخفضة السعرات الحرارية ثم الإفراط في أطعمة غنية بالسعرات الحرارية، وتناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة دون سيطرة. وترتبط تلك السلوكيات بمشاعر الخجل أو الإحراج؛ ما يسبب للمريض الغثيان وعدم الراحة.
تحدث نوبات الشره أسبوعياً على الأقل، ويتبعها سلوك آخر لمنع زيادة الوزن، وهو الصيام أو القيء أو استخدام الملينات بطريقة غير صحيحة، بجانب الإفراط في التمارين الرياضية؛ لذا من بين العلامات التي تكشف عن الإصابة بهذه الحالة، الذهاب مراراً وتكراراً إلى الحمام مباشرةً بعد تناول الوجبات، واختفاء كميات كبيرة من الطعام، والإصابة بالتهاب الحلق المزمن وتسوس الأسنان وتورم الغدد اللعابية في الخدين، والشعور بالدوار أو الإغماء.
من المضاعفات النادرة للشره العصبي تمزق المريء والمعدة، وعدم انتظام ضربات القلب؛ حيث يحتاج المريض إلى مراقبة ومتابعة طبية.
يستهلك المصابون باضطراب الشراهة كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة، ويفقدون السيطرة على الأمر، لكن الفارق بينهم وبين المصابين بالشره العصبي، أنهم لا يستخدمون سلوكيات تعويضية للتخلص من الطعام، سواء عن طريق التقيؤ أو الصيام أو ممارسة الرياضة. ويسبب هذا الاضطراب مضاعفات صحية كالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية.
بعض المصابين باضطرابات الأكل تنتكس حالتهم بسبب الصيام، فيما يعتبره آخرون فرصة لإخفاء إصابتهم؛ فقد يفرط المصابون بالشره المرضي في تناول الطعام، ثم يضطرون إلى التخلص مما تناولوه، في عملية متكررة طوال شهر رمضان، بينما يحرم المصابون بفقدان الشهية أنفسهم من تناول الطعام بعد كسر الصيام.
والطعام نفسه ليس المشكلة الوحيدة فقط، بل الطقوس الرمضانية الأخرى، مثل التجمعات العائلية؛ لأن المصاب باضطراب الأكل لديه سلوكيات غير عادية أثناء تناول الطعام، ولا يريد أن يحكم عليه الآخرون من تصرفاته؛ ولهذا فإن التجمعات عبء بالنسبة إليه، حسبما نقل موقع "British Dietetic Association" عن اختصاصية التغذية "فريحة جاي".
إذا كنت تشعر بعدم الارتياح لحضور التجمعات على الإفطار، يمكنك الاعتذار عن ذلك لتخفيف الضغط عليك، فيما يمكنك حضور تجمعات أخرى لا يكون فيها طعام.
وإذا اخترت الصيام، فمن المهم تخصيص وقت لتناول السحور من أجل الحفاظ على الطاقة طوال اليوم، من خلال تناول وجبات غنية بالبروتين والدهون الصحية والكربوهيدرات المعقدة الصحية، مع تجنب المحفزات التي تثير مشاعرك وتسبب لك انتكاسة، أو تجعلك تواجه مشكلة اضطراب الأكل أثناء الصيام.