في ظل ارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن حول العالم، يسعى كثير من الأشخاص إلى فقدان الوزن بسرعة عبر تقليل السعرات الحرارية بشكل كبير أو اتباع أنظمة غذائية صارمة، وبينما يُنظر إلى خسارة الوزن كخطوة ضرورية لتحسين الصحة الجسدية، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن لهذا النهج آثارًا نفسية قد تكون مقلقة خاصة عندما يتم دون إشراف طبي أو توازن غذائي كافٍ.
بينما توصي (National Institutes of Health NIH) بخفض 500 إلى 1000 سعرة حرارية يومياً لخسارة 1 إلى 2 رطل أسبوعياً، يلجأ بعض الأشخاص إلى تقليل السعرات بشكل مفرط أو اتباع أنظمة غذائية صارمة مثل "حمية آكلة اللحوم" ما قد ينعكس سلباً على الصحة الجسدية والنفسية.
تقليل السعرات بشكل مفرط ينعكس سلباً على الصحة الجسدية والنفسية
وألقى بحث نُشر مؤخرًا في (BMJ Nutrition Prevention & Health)، الضوء على العلاقة بين الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات والعناصر الغذائية والصحة النفسية، مشيراً إلى أن التقييد الغذائي قد يكون عامل خطر لظهور أعراض الاكتئاب.
واستخدم الباحثون بيانات من 28,525 بالغاً شاركوا في (National Health and Nutrition Examination Survey NHANES) واستكملوا استبيان (Patient Health Questionnaire-9 PHQ-9) الذي يقيس أعراض الاكتئاب.
وجرى تقسيم المشاركين إلى 4 فئات:
متبعو حمية منخفضة السعرات (8%)
متبعو حمية منخفضة العناصر الغذائية (3%)
متبعو نظام طبي مثل (DASH 2%)
غير متبعين لأي نظام غذائي (87%)
الرجال والأشخاص ذوو الوزن الزائد أكثر عرضة للأضرار
أظهرت النتائج أن الأشخاص في مجموعة تقييد السعرات سجلوا درجات أعلى في PHQ-9 بزيادة قدرها 0.29 نقطة، وبلغت الزيادة 0.46 نقطة لدى أصحاب مؤشر كتلة الجسم المرتفع، أما الأشخاص ذوو الوزن الزائد في مجموعة تقييد العناصر الغذائية، فسجلوا زيادة قدرها 0.61 نقطة في درجات الاكتئاب رغم أن المجموعة بأكملها لم تُظهر فروقاً بارزة.
وأشارت الدراسة إلى أن الرجال الذين اتبعوا أنظمة غذائية منخفضة العناصر الغذائية، كانوا أكثر عرضة لظهور أعراض معرفية وعاطفية وجسدية مرتبطة بالضيق النفسي.
فسّر الباحثون هذه النتائج بأن الرجال غالباً ما يحتاجون إلى سعرات حرارية أكثر من النساء، وأن تقييد السعرات بشكل غير مدروس قد يحرمهم من العناصر الأساسية المسؤولة عن تنظيم الحالة المزاجية.
فقدان الوزن يجب أن يكون صحياً
أشارت إيمي روثلر، أخصائية تغذية في Newport Healthcare’s PrairieCare program، إلى أن تقييد السعرات بشكل مفرط لطالما ارتبط بزيادة أعراض الاكتئاب، مضيفة أن الكثير من المرضى يركزون على تقليل السعرات بدلاً من تحسين جودة الطعام المتناول وهو ما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية.
وأضافت: "عندما يبدأ الأشخاص في تناول المزيد من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والدهون الصحية والبروتينات الخالية من الدهون يشعرون بتحسن تدريجي يؤدي إلى تغييرات مستدامة في نمط حياتهم".
وأوصت "روثلر" بأن يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتحويل المرضى الذين لديهم تاريخ من الاكتئاب ويرغبون في إنقاص وزنهم إلى أخصائيي تغذية مسجلين لضمان فقدان الوزن بطريقة صحية وآمنة.