لا تعاقب طفلك على حركته الزائدة أو نشاطه الدائم غير المألوف؛ فربما يعاني من "اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه" وأنت لا تعي ذلك. وفي هذه الحالة، يمكن أن يفاقم تعاملك الخطأ مع صغيرك المشكلة، فينطوي على نفسه، ويرفض العلاج.
وفي السطور التالية تستعرض "بوابة صحة" كل ما تحتاج معرفته حول ماهية اضطراب فرط الحركة، وأعراضه وأسباب الإصابة به وطرق العلاج.
يعد اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه "ADHD" حالة شائعة تصيب الأشخاص من جميع الأعمار والأجناس؛ حيث يؤثر على نحو 5% من الأطفال و2.5% من البالغين في جميع أنحاء العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ويُقدر معدل انتشار اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال – وفقاً للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) – بنحو 5–10% عالمياً؛ حيث تُظهر الإحصائيات أن الذكور أكثر عرضةً للإصابة بهذا الاضطراب؛ إذ تبلغ نسبة الأطفال المصابين من الذكور إلى الإناث "1:3" في الولايات المتحدة، بحسب "Goldenstepsaba".
وحسب "Kidshealth"، يسبب فرط الحركة اضطراباً في النمو العصبي، يؤثر في ملايين الأطفال حول العالم؛ حيث يعاني الطفل من عدم القدرة على التركيز أو تنظيم السلوكيات وفرط النشاط؛ ما يترتب عليه تراجع الثقة بالنفس، وضعف الأداء في المدرسة.
يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة من تشتت الانتباه؛ حيث يواجهون صعوبة كبيرة في التركيز، ولا يقدرون على الاستمرار في أداء مهمة دراسية واحدة أو أي نشاط بدني لوقتٍ طويل. ربما يعتقد الآباء هنا أن أطفالهم عنيدون وغير مطيعين، لكنهم في حقيقة الأمر يعانون مشكلةً عصبيةً تحتاج إلى قواعد سلوكية؛ ليستطيعوا التعامل مع أنشطتهم اليومية.
إضافةً إلى ذلك، تراودهم أحلام اليقظة، ويشرد ذهنهم، ويجدون صعوبة في البقاء ساكنين؛ حيث تصيبهم حالة من الملل تجعلهم لا يميلون إلى الهدوء، وتدفعهم إلى التحرك كثيراً واللهو في أشياء مختلفة عن التي يُطلب منهم التركيز فيها، والتصرف بطريقة قد تعرضهم للخطر أو الإحراج.
لا توجد أسباب واضحة ودقيقة خلف الإصابة باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لكنه قد يكون متوارثاً؛ أي يكون أحد الوالدين أو الأقارب مصابين به، أو يكون بسبب الولادة المبكرة، أو التعرض للسموم البيئية، أو تناول الأمهات عقاقير طبية دون استشارة الطبيب خلال فترة الحمل.
وحول اعتبار الاستخدام المُطول للشاشات من أسباب الإصابة، أكد الأطباء أن اضطراب فرط الحركة، لا يحدث نتيجة قضاء وقت طويل أمام الهواتف المحمولة أو سوء التربية أو تناول الكثير من السكر كما يعتقد البعض، لكنها جميعها قد تزيد درجات تشتت الانتباه وزيادة الحركة في حالة الإصابة الفعلية.
حسب "kidshealth"، يتطلب علاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه استخدام الأدوية الطبية، مع العلاجات السلوكية لتطوير مهارات الطفل المصاب، وتدريب الوالدين على كيفية التعامل معه، بجانب الدعم المدرسي.
يمكن اللجوء إلى المراكز المتخصصة في علاج الاضطرابات النفسية للمساعدة على علاج الطفل سلوكياً، وتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية التي تتأثر بهذا الاضطراب، مع الأدوية الطبية التي يوصي بها الطبيب المختص لتنشيط قدرة الدماغ على الانتباه وضبط النفس، والصبر على ممارسة الأنشطة.
يؤدي الآباء دوراً مهماً في حياة الطفل المصاب؛ فمن خلال تلقي الوالدين التعليمات اللازمة من الأطباء، يستطيعون التعامل مع المشاكل السلوكية التي تظهر على طفلهم، مع تشجيع الطفل ودعمه معنوياً، واستخدام نظام المكافآت عند إنجاز مهامه المدرسية أو المنزلية.
يمكن للمعلمين في المدارس أو الحضانات التمهيدية مساعدة الأطفال على تحسين تحصيلهم العلمي من خلال إشراكهم في أنشطة مناسبة لحالتهم، وخاصةً تلك التي تساعد على تنشيط مهاراتهم وتنظيم طاقتهم الزائدة.
وبالنسبة إلى الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات، توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بتدريب الوالدين على إدارة السلوك كخطوة أولى للعلاج، قبل اللجوء إلى العلاج الطبي.
أما الأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 6 سنوات، فتشمل التوصيات العلاجين الطبي والسلوكي معاً، بحيث يُدَرَّب الوالدان على إدارة سلوك الأطفال حتى سن 12 عاماً، وفقاً لـ"مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها".