شهدت الأوساط المهتمة بالشباب الدائم والتقنيات الحيوية موجة جديدة من الاهتمام بإجراء طبي يُعرف باسم "تبادل البلازما"، أو ما يُطلق عليه مجازاً "غسيل الدم" والذي بدأ يلقى رواجاً بين التنفيذيين في وادي السيليكون وبعض مهووسي الـ"biohacking"، لكن هل بالفعل يساهم هذا الإجراء في إبطاء الشيخوخة؟
تقوم تقنية تبادل البلازما على سحب دم الشخص ثم فصل البلازما، الجزء السائل الذي يحتوي على البروتينات والمواد الأخرى، واستبدالها إما ببلازما من متبرع أو بمحلول بديل يحتوي على ملح وبروتين، بعد ذلك يُعاد الدم إلى الجسم، ويشبه الأطباء هذه العملية بتغيير زيت السيارة فهي تهدف إلى "تنظيف" مجرى الدم من الشوائب.
ما المقصود بتبادل البلازما؟
وقد استُخدمت هذه التقنية منذ فترة طويلة في علاج أمراض الدم والمناعة الذاتية وبعض الاضطرابات العصبية، أما اليوم فهي تُقدَّم في بعض الدوائر باعتبارها وسيلة ممكنة لمكافحة الشيخوخة.
مع التقدم في السن تتراكم في الدم بروتينات ومواد قد تؤثر سلباً على صحة الإنسان ويعتقد العلماء أن إزالة هذه المواد قد تساهم في استعادة بعض وظائف الجسم الحيوية، واستند هذا التصور إلى دراسة شهيرة نُشرت عام 2005 قام فيها باحثون بربط فئران شابة ومسنّة لتتشارك الدورة الدموية ولاحظوا أن الفئران الأكبر سنًا أظهرت علامات على استعادة الشباب، هذه الدراسة قادتها الدكتور إيرينا كونبوي، وزوجها مايكل كونبوي في University of California, Berkeley.
تشير دراسات إضافية على الحيوانات وتجارب بشرية صغيرة إلى أن "غسيل الدم" عبر تبادل البلازما قد يؤدي إلى نتائج مشابهة دون الحاجة إلى دم شاب، ما يعزز الأمل بإمكانية استخدام التقنية لتجديد الخلايا.
هل يكافح علاج تبادل البلازما الشيخوخة؟
في دراسة أولية نُشرت في مجلة "Aging Cell" خضع 42 شخصاً بالغاً يتمتعون بصحة جيدة (متوسط أعمارهم 65 عاماً) لعدة جلسات من تبادل البلازما على مدى أشهر، تلقى بعض المشاركين محلولاً بديلاً فقط فيما تلقى آخرون محلولاً معززاً بالأجسام المضادة المناعية، وتمت مقارنة النتائج مع مجموعة خضعت لعلاج وهمي.
استخدم الباحثون مؤشرات متعددة لتحديد "العمر البيولوجي" للمشاركين وهو مقياس يهدف إلى تحديد مدى تقدم الجسد في العمر بصرف النظر عن العمر الزمني، وأظهرت النتائج أن من خضعوا للعلاج بالبلازما فقط قلّ عمرهم البيولوجي بمقدار 1.3 سنة بينما من تلقوا العلاج مع الأجسام المضادة تراجع عمرهم البيولوجي بمعدل 2.6 سنة.
العلاج بالبلازما
وقال الدكتور إريك فيردين، المؤلف المشارك للدراسة والرئيس التنفيذي لمعهد Buck Institute for Research on Aging، إن المجموعة الضابطة استمرت في التقدم في العمر بمعدلها الطبيعي بينما ظهرت علامات معاكسة للشيخوخة لدى من تلقوا العلاج.
رغم النتائج المشجعة، أشار خبراء مثل نير بارزيلاي، مدير معهد الشيخوخة في كلية ألبرت أينشتاين للطب، إلى أن الدراسة لا تزال محدودة، فهي صغيرة وقصيرة الأمد ويشارك بعض القائمين عليها في شركات لها مصالح مالية في نتائجها.
كما أن مقياس "العمر البيولوجي" المستخدم في الدراسة لا يزال محل جدل نظرًا لغياب اتفاق علمي على طريقة موحدة لقياسه، حيث يضيف "بارزيلاي": "اعتماداً على طريقة القياس يمكن أن أكون أصغر من سني بعشرين عاماً أو أكبر بأربع سنوات ما يدل على أننا لا نعرف تمامًا ماذا يعني هذا المقياس".
مفهوم العمر البيولوجي
ومن جانبه، قال الدكتور زبيغنيو شتشيبوركوفسكي، من Dartmouth Health، إنه من المحتمل أن يكون المشاركون قد غيّروا نمط حياتهم خلال فترة الدراسة مما قد يكون أثر على النتائج ما يجعل استنتاج أن تبادل البلازما يطيل العمر أمراً سابقاً لأوانه.
على الرغم من أن تبادل البلازما يُعد إجراءً آمناً ومعتمداً في علاج بعض الأمراض إلا أن معظم الخبراء لا يوصون به حاليًا كوسيلة لـ إطالة العمر لدى الأصحاء بسبب نقص الأدلة الكافية.