الضوضاء والأضواء الصناعية.. كيف تؤثر في جودة النوم؟

رغم الاختلافات الفردية في أنظمة النوم يظل الليل هو الوقت الذي ترتاح فيه أجسادنا، وتحصل على النوم العميق، وعلى مدى ملايين السنين انتظمت عملياتنا الفسيولوجية وفقاً لأوقات النهار والليل المعتادة، لكن بسبب الاستخدام الواسع للأضواء الاصطناعية وضوضاء المدن تغير نمط النوم لدى البشر، ما أدى إلى تمديد فترات النشاط ليلاً، وزيادة التعرض لاضطرابات النوم والبدانة والاكتئاب والسكري والسرطان والأمراض القلبية.

الضوء الاصطناعي يزيد مشاكل النوم 

ووفق الجمعية الطبية الأمريكية، تشير التقديرات إلى أن المصابيح الـ"LED" البيضاء تؤثر في إيقاع النوم اليومي بـ5 أضعاف من تأثير مصابيح الشوارع التقليدية، حيث ترتبط الإضاءة الليلية في المنازل بانخفاض أوقات النوم والشعور بالنعاس المفرط خلال النهار، إضافةً إلى ضعف الأداء.

وكشفت دراسة أخرى بموقع "PubMed" أن الضوء الاصطناعي ليلاً سواء داخل المنزل أو خارجه يمكن أن يزيد مشاكل النوم بنسبة 22%.

تعرضك للضوء الاصطناعي خلال الليل يمنع إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يحتوي على مضادات الأكسدة، ويساعد على النوم، ويعزز جهاز المناعة، ويخفض نسبة الكوليسترول، إضافة إلى دوره في عمل الغدة الدرقية والبنكرياس والمبيض والخصيتين والغدد الكظرية، بحسب الجمعية الدولية للسماء المظلمة (منظمة غير ربحية).

كشف تقرير حديث نُشر في مجلة "GeroScience" الدولية عن علاقة التلوث الضوئي بالإصابة بالزهايمر، فعند اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية نتيجة ظروف الإضاءة غير المناسبة يؤثر الخلل في دورة النوم على إعادة هيكلة الخلايا العصبية وكهرباء الدماغ وتدفق الدم، ما يساهم في التنكس العصبي ثم الإصابة بالزهايمر.

الضوضاء تعيق النوم 

الضوضاء عائق آخر يؤرق النوم، ويحرم البشر من السلام والهدوء، وعند التعرض لها تدق لوزة الدماغ ناقوس الخطر، ثم ينشط الجهاز العصبي الودي، ويُفرز هرموني الأدرينالين والكورتيزول، وبعدها يحدث ارتفاع في معدلات ضربات القلب وزيادة ضغط الدم، وهذا طبيعي لكن استمرار المحفزات مثل الضوضاء يعني أن ضربات القلب وضغط الدم في زيادة متكررة، ما يؤثر سلباً على الصحة.

ووفقاً لوكالة البيئة الأوروبية، يتعرض 100 مليون شخص في أوروبا لمستويات ضارة من التلوث الضوضائي، بسبب حركة المرور على الطرق خاصةً بالمناطق الحضرية، حيث يؤدي التعرض طويل الأمد للضوضاء إلى إصابة 48 ألف حالة جديدة بأمراض القلب، و12 ألف حالة وفاة مبكرة سنوياً، ومعاناة نحو 6.5 مليون شخص من اضطراب النوم.

وفي البلدان النامية أدى التحضر والتصنيع إلى تهديد صحة السكان ونوعية الحياة الناتج عن التلوث السمعي، وكشفت بيانات لـ28 مدينة عن وصول مستويات ضغط الصوت المكافئة ليلاً بين 42 و80 ديسيبل، ما تسبب في الانزعاج الشديد وفقدان السمع واضطراب النوم.

يتعين على المدن مثل بانكوك عاصمة تايلاند، والقاهرة بمصر، اتخاذ إجراءات لتقدير التعرض للضوضاء والتحكم فيها، وفق ما ذكره موقع "IntechOpen".

وبالنسبة للصحة العقلية، فإن الضوضاء المفرطة خلال النهار تسبب الإزعاج والتوتر، واستمرارها في الليل يُراكم التوتر، ويعطل مهام الجهاز العصبي في أثناء النوم، بحسب موقع "Psychology Today".

على المرضى الذين يعانون الإجهاد الناتج من التلوث الضوضائي تناول نظام غذائي غني بالأحماض الدهنية غير المشبعة والألياف وفيتامين "سي"، إضافةً إلى استخدام عازل للصوت لاستعادة التوازن، وأيضاً الدول بحاجة إلى التركيز على قياس الآثار الصحية الناجمة عن الضوضاء والأضواء الاصطناعية، ووضع أهداف وإطار للتنظيم للحد من العبء الإجمالي للمرض.